الاثنين، 28 مايو 2012

إن رصيد حسابك غير كاف بقلم :إزيد به ولد حدمين

 كانت الساعة الثامنة الا عشرا صباحا توجه الأستاذ أحمد من منزله المكون من عريش ومطبخ ومرحاض وأساس بيت من الإسمنت أسسه منذ ثلاث سنوات بنقود أخذها مرابحة من تاجر يستدين منه قوته وقوت عياله وما زال يطالبه بها حتى الآن، توجه إلى المدرسة في زي لائق حيث لبس فضفاضة اشتراها في العيد الماضي بمخصص الطبشور للفصل الأول وأحذية لايمكن المسح عليها لما فيها من خرق لا تمكن متابعة المشي معه وقميص اشتراه من حانوت الألبسة المستعملة دخل الإدارة سال عن المدير قيل له إنه ذهب إلى الإدارة الجهوية حيث استدعاه المدير في شأن خاص سيكتشف لاحقا أنه إعداد لائحة للرقابة والتصحيح تكون خلوا من أي أستاذ أضرب أو حرض على الإضراب أو شك في صحبته لمضرب، أخذ طبشورا من الطباشير المبعثرة في مكتب مدير الدروس ثم دخل الفصل الذي وجد فيه مائة وعشرة طلاب ثمانين بالمائة منهم يجلسون على الأرض في فصل بابه لايغلق ونوافذه محطمة منذ فترة المدير الذي سبق المدير الذي سبق مديره هذا وسبورة عهدها بالصباغة يوم انتهى منها المقاول الذي ضرب قيمتها في ألف وجعلها في فكاتر سددت له من خزينة الدولة دون متابعة أوتقييم .حاول المسكين تقديم درسه لكن الطلاب كانوا منشغلين بالأهم بعضهم بصور هاتفه وبعضهم بالرسائل القصيرة وبعض بالاستماع إلى ماسجل من أغاني ،مرت ساعة والمسكين يحاول ضبط فصل جاء طلابه أصلا لقضاء وقت بعيدا عن المنزل وهمومه والأهل ومشاغلهم حاول في الساعة الثانية أن يوصل شيئا لكن البواب دق الجرس بسرعة حيث كانت ساعته متوقفة فظن الوقت انتهى، خرج هو والطلاب بعد أن دفعوه عند الباب دفعا وزاحموه عند الخروج مزاحمة ليدخل قاعة الأساتذة فيجتمع ملؤهم حوله ينتظرون كاس البواب عبد الله وحبات الفستق التي ستوزع مجانا من طرف المدير سأل أحدهم قائلا ماذا عن الراتب أجابه آخر لقد سمعت أنه دخل، كانت زينب تنظر ساعتها حتى تأكدت من تمام العاشرة أخذت هاتفها واتصلت.. رن هاتف أحمد في جيبه مد يده له وأخذه ثم ضغط على زر الاستقبال انطفأ الهاتف لأن بطاريته كانت تتحرك.. بادر بفتحه كي لا تظن زينب انه اغلق الهاتف في وجهها اعاد تشغيله من جديد ولكن هذه المرة مع ضغط شديد على البطارية حاول الاتصال لكن جاءته جملة تقول إن رصيد حسابك غير كاف لإجراء هذه المكالمة.. ترك الهاتف قليلا لتتصل زينب قائلة لماذا تغلق عني الهاتف حاول إرضاءها وإفهامها خلل هاتفه فردت عليه قائلة المهم لا تنس أن اليوم هو الثلاثين من الشهر وعليك أن تشتري لنا خنشة من الأرز وأخرى من المكرونة ولا تنس الزيت والسكر والشاي والحليب المجفف وخذ لي ملاحف ومر على صاحب الحانوت وأعطه عشرة آلاف أعطيتها لعمتك أيام زيارتها لنا وخذ لي بطاقة شحن ولا تنس دواء الوالدة توتو  الذي لايمكن قطعه بحال من الأحوال أخذ دفتر حسابه ثم توجه إلى المصرف وقع شيكا وأعطاه لإحدى الموظفات وبعد جهد جهيد ووقت طويل سببه ضعف الشبكة التفتت إليه قائلة له ( هذ ما فيه شي ) تذكر حينها أنه كان مضربا وأن الوزير قرر قطع رواتب وعلاوات المضربين ظلما وعدوانا خوفا عليهم من أكل الحرام أو إيثارا لنفسه بأكله، فكر وفكر ثم فكر وأعاد التفكير وقال في نفسه الأرض أعطت والسماء أعطت والغرب أعطى والشرق أعطى ولكن النظام منع ثم خرج تائها على وجهه حتى دخل السوق المكتظة ببضاعة ترتفع أسعارها يوميا دخل على صاحب الحانوت محمد الذي يطالبه بقرض انتهى أجله منذ سنتين فضلا عن مايسجل في دفتر الدين قص عليه خبر قطع الراتب وطلب منه الأشياء التى أوصت بها زينب.. بادره قائلا ـ على وجه التنظير ـ إن الإضراب لا فائدة منه وما حلت به مشكلة وعناد الدول أمر جلل وعليك ترك العمل النقابي والتفرغ لأمورك الخاصة وليس عندي شئ مما طلبت لأن رصيد حسابي الآن موجه لشراء العلف من المخازن وبيعه في السوق وأنت ينبغي أن تمل من دوام نزع وبقي عليه.. شرب معه كاسا من الشاي على الخواء دون أن ينبس ببنت شفة ثم خرج وركب سيارة متوجها إلى المنزل حيث كانت زينب تتتظره بفارغ الصبر لأن الحر قد ارتفع والغداء سيعد مما هو آت به فجاءهم كما خرج هو هو بحاله إلا أن عدم الارتياح باد على محياه سألته السيدة قائلة أين ما أوصيناك به أجابها سيأتي قريبا ثم اتجه إلى جانبه من العريش فإذا بورقتين وضعتا على فراشه سأل ما هذه الأوراق أجابته توتو  بصوت خافت مبحوح إنها فكاتير الماء والكهرباء قال في نفسه سبحان الله ماء وكهرباء لا نعرف منهما إلا الفكاتير، رن الهاتف فإذا بصديقه سيد يتصل به إن الجماعة تطلب منكم عشرة آلاف مساهمة في رفع فاطمة إلى الخارج حيث عجز الطب هنا عن علاجها رد عليه قائلا سأتصل بك لاحقا بدأت زينب تعد له الشاي قدمت له الأول فإذا برجل يدخل إنه صاحب اللحم لقد تأخرتم في تسديد المبلغ وجئت لأعرف السبب وأرسلت معي بائعة الخضر رسالة مفادها أنها بحاجة إلى بعض النقود فرد عليه قائلا إن رصيد حسابي غير كاف فأمهلني فأعطاه مهلة وهو خارج قال له سلم لي على بائعة الخضر.. صبت زينب الكاس الثانية فإذا بامرأة تدخل ولم تفاتحها زينب إنها بائعة الكسكس أطلب عشرة آلاف وحان سدادها ولن أذهب من هنا بدونها التفت إليها أحمد بابتسامة المتعجب قائلا إن رصيد حسابي أخذه وزير التعليم.. رن هاتفه للمرة الرابعة إنه صاحب البقر الذي أودعه بقرة منحت له السنة الماصية: البقرة التي تعرف ماتت اليوم من الهزال حيث لم أجد لها علفا وأرسل لي المبلغ الذي أطالبكم به من الأشهر الماضية، قال في نفسه إن رصيد حسابك غير كاف ليخرج من عريشه واضعا كميه على منكبيه مهرولا في الشارع ارحل ارحل ارحل

0 التعليقات:

إرسال تعليق